رمضان شهر الصحة
إن نمط الحياة السريع والمزدحم لبعض الناس لا يترك لهم فرصة النظر إلى حياتهم وكيف تسير، بل قد تكون هي بضغوطها التي تسيرهم. فأحيانا ضغوط العمل والحياة الأسرية ومسؤوليات أخرى لا تتيح للإنسان فرصة للتمعن في حياتهووهل هي صحية أم لا.
هذا من جانب الفئة المشغولة جدا من الناس، وعلى النقيض منهم أناس آخرون لديهم وقت فراغ ولكن لا يقضونه بشكل صحي، بل يركنون إلى الحياة الكسولة. كنت مرة أتحدث مع أحد المتقاعدين حول روتينه اليومي فقال إنه يقضي أول المساء في إحد المقاهي ثم يرجع إلى البيت ليكمل السهرة مع التلفاز وينام متأخرا جدا ولا يكاد يستيقظ من النوم إلا في اليوم التالي بعد الظهر وهكذا دواليك.
إن شهر رمضان فرصة للتغير والتوقف في محطات الحياة لإعادة صياغة حياتنا من جديد للأفضل، ولعل ما يشجع على ذلك ما يكتنز هذا الشهر من طاقات روحية وصحية، فالطاقات الروحية تساعد على رفع معنويات كل فاقد للأمل أو العزيمة.
لاشك أن الجو الإيماني يحسن من الحالة النفسية المكتئبة أو القلقة للكثيرين بحكم الضغوط والمشكلات الحياتية. فنحن حين تدركنا المشكلات بحاجة إلى طاقة الصبر وقوة الشكيمة لتجاوز هذه المشكلات أو حلها ولو بعد حين.
بعض الناس أدركتهم الديون أو تغيرت مخططاتهم بسبب الأزمة المالية التي أصابت بعض الناس، وهذه بدورها تلقي بظلالها السلبية على حالتهم الصحية. شهر رمضان يعطينا الأمل فهو يقربنا إلى الله لو كنا بعيدين ويزيدنا قربنا إن كنا قريبين، وبذلك يتعزز لدينا الأمل بالتغيير إلى الأفضل فالله قادر أن يغير حياتنا إلى الأفضل.
من المرضى من يعاني من أمراض نفسية وبحاجة إلى الراحة، وهذا بالضبط ما يعطينا إياه شهر رمضان. ومن المرضى من هو مريض جسديا بأمراض العصر من سكر وضغط الدم وأمراض القلب وارتفاع الكولسترول وأمراض عدة لا حصر لها.
فإذا فكرنا أن شهر رمضان هو شهر صحة وليس شهر كسل وسهر وسمنة فقد نستطيع تغيير حياتنا من هذا المنطلق. كما إن للصوم فوائد صحية منها ما هو ظاهر ومنها ما لم يدركه عالم الإنسان بعد. على العموم فالصوم يؤدي إلى تأثيرين مهمين وهما:
1. أثناء استهلاك الجسم للمواد المتراكمة منه أثناء فتره الصيام فإن من بين هذه المواد الدهون الملتصقة بجدران الأوعية الدموية فيؤدي ذلك إلى إذابتها تماما كما يذيب الماء الثلج، وبالتالي زيادة تدفق الدم في هذه الأوعية، وزيادة نسبة الأكسجين والغذاء الواصل إلى الخلايا عبر هذا الدم، وبالتالي تزداد حيوية وعمل الخلايا، لذلك نرى أن الشخص الذي يحافظ على الصيام تقل إصابته بمرض تصلب الشرايين وتتأخر عنده علامات الشيخوخة.
2. تحلل الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا جديدة ونشطة يزيد من عمل وقوة وظائف الجسم المختلفة، لذلك يشعر الإنسان بعد انتهاء شهر الصوم بنقاء جسمه وزيادة طاقته وصفاء نفسه.
وأخيرا فإن الصوم وكثرة قراءة القرآن والتعبد في شهر رمضان يضفي على النفس راحة نفسية وطمأنينة غير معهودة في باقي أيام السنة، ويجعلها في واحة من النور الرباني الذي يمنح النفس إجازة من ضغوط الحياة ومشكلاتها المادية، لذلك فهو أفضل مهدئ طبيعي للتوتر والقلق.
شهر رمضان هو المخلص من كل عادة صحية سيئة مثل التدخين، المشروبات الغازية، منتجات الحليب الضارة بكثرة استعمالها، الوجبات الجاهزة، الممارسات الخلقية الضارة من خلال مشاهدة القنوات الفضائية والإنترنت المضيعة للأخلاق فهو فرصة لترك هذه العادات أو انطلاقة لتركها.
_________________